ناشدت السناتور ناتالي غوليه (نائبة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي) عضو الجمعية البرلمانية للناتو، دول أوروبا وبقية دول العالم، الاستيقاظ بعد التقارير الخطيرة التي كشفت عنها النقاب صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أخيراً، ومفادها أن إرهابيي تنظيم القاعدة و«داعش» وأنصارهم المدرجين على القائمة السوداء للمنظمات الدولية، تمكنوا من الاستفادة من حساباتهم المصرفية على الرغم من القرارات الأممية بتجميد الأصول المالية التابعة لهم.
وأوضحت في مقالة كتبتها في نفس الصحيفة أن أكبر الدلائل على ذلك هو (خليفة السبيعي)، وهو ممول قطري، بين من كان لديهم تسهيلات مصرفية، وكان يقدم منذ فترة طويلة دعماً مالياً لكبار قادة تنظيم القاعدة، بمن فيهم «خالد شيخ محمد» العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، حسب ما أعلنته الولايات المتحدة.
وأشارت «غوليه» إلى الوثائق التي كشفت عنها الصحيفة التي أظهرت أن السبيعي لديه حساب لدى بنك قطر الوطني، واصفة ذلك بأنه «ثغرات» في إجراءات عقوبات الأمم المتحدة.
وأضافت أن تحقيق شخص ما لقائمة عقوبات الأمم المتحدة ليس إنجازاً سهلاً، وشخصية مثل «السبيعي» كان معروفاً لدى السلطات المعنية، بما في ذلك البنوك، كما يفترض أن يكون، فالمذكور كان مرتبطاً بأخطر الإرهابيين المسؤولين عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، التي غيرت وجه العالم.
ونظراً لأنه مدرج في قائمة عقوبات الأمم المتحدة، فهو ليس من النوع الذي يمكن أن يكون مشكوكاً فيه فحسب، وبالتأكيد ليس من النوع الذي يستحق ميزة التساهل.
ووصفت أن توفير التسهيلات المصرفية لشخص مثله هو بمثابة الفشل الجماعي لجميع المعنيين، وأن قدرة الأمم المتحدة على إنفاذ قائمة الجزاءات الخاصة بها يجب أن تخضع إلى حد كبير للتدقيق، وإضافة إلى ذلك، يتعين على قطر أن توضح للعالم سبب السماح لمثل هذا الشخص الخطير بمواصلة منحه التسهيلات المصرفية، وعلى نفس القدر من الأهمية تقع المسؤولية على البنوك التي قدمت له التسهيلات.
وقالت: في حين أن فشل الدول في إنفاذ عقوبات الأمم المتحدة يعد أمراً يجب على المجتمع الدولي والمحاكم الدولية التعامل معه بحزم، فإنه يتعين على الجهات الرقابية المصرفية أن تتصرف أيضاً على هذا النحو.
وأشارت «غوليه» إلى أن البنك الذي ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن السبيعي يتعامل معه، لديه فروع في جميع أنحاء أوروبا وحول العالم، مكنته من خلال هذه الشبكة المصرفية العالمية الواسعة، من إيصال دعمه المالي إلى تلك البلدان التي تعمل فيها فروع البنك، وهذا لا يجعل من الأمم المتحدة محل سخرية فحسب، بل إنه يعرض الأمن العالمي للخطر، ولذلك لا ينبغي السماح للبنوك بالاختباء خلف تلك الثغرات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بتمويل الإرهاب.
وأشارت النائبة الفرنسية إلى أنه إذا أثبت تحقيق صحيفة «وول ستريت» أنه صحيح، فسيكون ذلك بمثابة فشل جماعي واضح من النوع الذي يعرض الأمن العالمي للخطر، وأن مثل هذه الإخفاقات يمكن أن تكلف الأرواح، وأن تمويل الإرهاب هو العمود الفقري للنظام البيئي الإرهابي الذي يسمح له بالازدهار، مشددة على أن أوروبا وبقية دول العالم تحتاج إلى إجابات عاجلة مفادها أن مثل هذه الإخفاقات لن تحدث مرة أخرى، وليس ذلك فحسب، بل ستتحمل عواقب وخيمة على أولئك الذين يغضون الطرف عن ازدهارنا الجماعي كجنس بشري.
وطالبت «غوليه» بسرعة إجراء تحقيق دولي واسع النطاق وشفاف، مبينة أنه من المستحيل تقييم الضرر المحتمل الذي تسببت به تلك الاكتشفات، لذلك من الملح للغاية أن تقوم السلطات المعنية والمنظمات الأممية المختصة بما يلي:
أولاً: يتعين على الأمم المتحدة أن تتحرى لماذا سمحت تلك الثغرات في إجراءاتها بهذا الانتهاك.
ثانياً: تحتاج قطر إلى إجراء تحقيقاتها الخاصة وتقديم تقرير إلى المجتمع الدولي عن سبب السماح لفرد مدرج في قائمة عقوبات الأمم المتحدة بأن تكون لديه تسهيلات مصرفية من خلال معظم حساباته في البنوك العالمية، وأن تقدم قطر ضمانات بأنه وإرهابيين آخرين لن يحصلون على تسهيلات بنكية.
ثالثاً: يحتاج بنك قطر الوطني إلى إجراء تحقيق خاص به في هذا الشأن وتقديمه إلى سلطات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم، وخصوصاً حيث يعمل البنك، وتفاصيل المعاملات التي يقوم بها السبيعي، وتقديم تأكيدات بأن الآخرين الذين تشملهم القائمة أيضاً لا يتم توفير التسهيلات المصرفية لهم.
رابعاً: يجب على الجهات الرقابية المصرفية في البلدان التي يعمل فيها البنك إجراء تحقيقات خاصة بها عن سبب حدوث هذا الفشل، والإسراع بتقديم الإجراءات العلاجية العاجلة لضمان التخفيف من أي ضرر محتمل يحدث وعدم حدوث مثل هذه الانتهاكات المحتملة.